قصيدتان
بقلم مريم الدوسري
الغربة ملح
وحتى إن لم تختلس القطة واحداً، سيعودون إلى البحر ليصطادوا أحلاماً غيرها.
شحيح هذا البحر. أحلامه، رطوبةُ فجرِ صيفي، تختلج بها الرؤوس، ثقيلةٌ تُسْكِرُهُم بذكرآ بحور أخرى – تذكرهم بأن الغربة ملح، والحنين زنخ، والعيش عرق.
يُسَرْنمون، تُوازنُ ثلاجاتٌ من صمتٍ موجَ أرجلهم، إلى حيث تُفرز الغلةُ:
أحلامٌ مرَخَّصةٌ تباع بخمسة دنانير للكيلو اليوم – غداً، قد تباع بثلاثة – وتُحمَل في مؤخر البيك-اب على عجل.
(يجب ألا تفسد حوالة نهاية الشهر، والشقة الأوسع، والعفش الأحدث، وثياب بمقاس أكبر، والخبز، والرز، والحليب، والزيت،
والسكر. وإن فسد منها شيء، تُدعك الخيبة على الأرض حتى ترغو، وتُكنس عبر باب مشرع على العصرية، حيث هرولة أطفال
يجمعهم الصراخ وأن فرقتهم الألسن، وأبواق سيارات تتفاوض على منفذ ترابي وحيد، وبصل يقلآ ببهارات هندية لعشاءٍ مبكر.)
وأحلامٌ أخرى غير مرَخَّصةٌ تُهدى للجيرة عربون حسن سيرة وسلوك.
وحين يُنشر النهار على حبل الغسيل دون مشابك، ينشرون أجسادهم على المصاطب، تثبتها أكواب شاي وسجائر، وآذانٌ تصغي
لأخبار أرض بعيدة، ولجوع قطة.
ماذا تفعل بكل هذا الحزن؟
أخْرِجهُ من الثلاجة، واغسلهُ بماء بارد.
تأكد من أن لا جلد، ولا عظم، ولا دم يبقى.
اسفعه دون زيت لدقيقتين.
تَبِّل.
رائحة مخزن جدتك لأمك – كمّون، كزبرة جافة، بضع حبات من الفلفل الأسود، الهيل، أعواد قرفة، رؤوس قرنفل وورقة غار وحيدة.
لم تعد دموعك تكفي، ولكن بصلة واحدة تؤدي الغرض، ومعجون الثوم.
وأياً كان ما هو موجود في الثلاجة من الخضار.
أربعة أكواب من الماء لا تطفئ الحرقة.
أكانت أمكَ تضيف خلاً؟ لا بأس، تكفي مرارة.
لا تنسى أن تُمَلِّح.
لا يبدو ترتيب الخطوات صحيحاً. لربما بدأتَ بالبصل والبهارات أولاً؟ لم أعد أذكر. لربما قللنا من الكمّون. لست أدري. أهذه ملعقة أم اثنتان؟
نظركَ مغَبِّشْ.
غط القدر وانتظر.
كم من الوقت حتى يستوي؟
دعه يبقبق على نارِ هادئة، واشغل نفسك خلال عشرين دقيقة من الغليان. وإن لم تكن كافية يمكننا أن نتأكد من نضجه.
لو كنت ضبطت المنبه.
لو كان عندك مقياس.
هذا ليس كعكاً، نُخَوّزِقُهُ بأعواد الأسنان، ونأمل أن يخرج العود نظيفاً.
ليس لك إلا أن تنتظره – بعد تقليم الأظافر، صحيفة اليوم، وشاي بالنعناع –
أن ينضج
أكثر مما يُتوقع،
أكثر مما يَلزم،
أكثر مما يُحتمل.
صفِّ المرق
وتناوله قبل أن يفتر.
Mariam AlDoseri is currently the Writer-in-Residence at Al Riwaq Art Space where she is exploring translation as a visual art. She also writes fiction and non-fiction in Arabic and English and translates from English and Spanish to Arabic. Her work has appeared in ArabLit blog, Sekka Magazine, Antolgy and other digital and traditional platforms.